عدد سكان بنجلاديش 2024

عدد سكان بنجلاديش: تحليل شامل للتكوين السكاني والتحديات المستقبلية

تعتبر بنجلاديش واحدة من الدول الأكثر كثافة سكانية في العالم، وهي دولة جنوب آسيوية تقع في دلتا نهر الغانج وبراهما بوترا، وتمتاز بتاريخ طويل من النمو السكاني المتسارع، مما جعلها نموذجًا هامًا لفهم تأثيرات الزيادة السكانية على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. يتناول هذا المقال دراسة معمقة لعدد سكان بنجلاديش، وتحليل العوامل المؤثرة على النمو السكاني، والتوزيع الجغرافي، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه الدولة في إدارة هذا الكم الهائل من السكان، مع تقديم بيانات حديثة مدعومة بمصادر موثوقة.

1. العدد الإجمالي للسكان في بنجلاديش

يصل عدد سكان بنجلاديش إلى حوالي 170 مليون نسمة حتى عام 2024، مما يجعلها تحتل المرتبة الثامنة عالميًا من حيث عدد السكان، على الرغم من مساحتها الجغرافية المحدودة التي تقدر بحوالي 147 ألف كيلومتر مربع فقط. هذه الكثافة السكانية العالية (حوالي 1156 نسمة لكل كيلومتر مربع) تجعلها من بين أكثر الدول ازدحامًا في العالم، وتفوقها في ذلك معظم الدول ذات المساحات الأكبر.

يرجع هذا الرقم الضخم إلى عوامل متعددة مثل معدلات الخصوبة العالية في الماضي، وانخفاض معدلات الوفيات نتيجة التطور في قطاع الصحة، وتحسن الخدمات الطبية، وكذلك الهجرة الداخلية المكثفة من المناطق الريفية إلى الحضرية.

2. النمو السكاني عبر العقود

شهدت بنجلاديش في العقود الأخيرة معدل نمو سكاني مرتفعًا بشكل ملحوظ، ففي عام 1971، كان عدد السكان حوالي 70 مليون نسمة فقط، وقد تضاعف هذا الرقم في أقل من خمسين عامًا. ولكن منذ العقدين الأخيرين، بدأ معدل النمو يتباطأ تدريجيًا بسبب تبني سياسات تنظيم الأسرة وتحسين التعليم الصحي للسكان، وخاصة تمكين النساء من الحصول على التعليم والخدمات الصحية.

جدول يوضح عدد سكان بنجلاديش عبر العقود الأخيرة:

يُلاحظ من الجدول كيف انخفض معدل النمو السكاني من أكثر من 2% سنويًا في فترة ما بعد الاستقلال إلى حوالي 1% في السنوات الأخيرة، وهو ما يعكس تقدمًا ملحوظًا في السيطرة على النمو السكاني.

3. التركيبة السكانية حسب الفئات العمرية

تتميز بنجلاديش بتركيبة سكانية شابة، حيث تشكل الفئة العمرية تحت 25 سنة نسبة كبيرة من السكان، وهو ما يعكس إمكانات كبيرة من حيث القوى العاملة المستقبلية، لكنه في نفس الوقت يطرح تحديات على قطاعات التعليم والصحة والتوظيف.

• نسبة السكان تحت سن 15: حوالي 27%

• نسبة السكان بين 15 و64: حوالي 65%

• نسبة السكان فوق 65: حوالي 8%

هذه التركيبة تعطي مؤشرًا على أن بنجلاديش في مرحلة “التحول الديموغرافي”، وهي مرحلة تشهد فيها الدول انخفاض معدلات الوفيات والولادات تدريجيًا مع زيادة في متوسط العمر المتوقع.

4. التوزيع الجغرافي للسكان

تركزت الكثافة السكانية في المناطق الحضرية وخاصة العاصمة دكا وأجزاء من تشيتاغونغ، حيث تسكن حوالي 38% من سكان البلاد في المدن. أما باقي السكان فيعيشون في المناطق الريفية التي تشكل حوالي 62% من الكتلة السكانية. ينعكس هذا التوزيع على النمو العمراني السريع في دكا التي تُعتبر من أسرع المدن نموًا في العالم من حيث عدد السكان.

• العاصمة دكا: تحتوي على أكثر من 20 مليون نسمة في المنطقة الحضرية.

• تشيتاغونغ: ثاني أكبر مدينة في البلاد مع عدد سكان يتجاوز 8 ملايين نسمة.

• المناطق الريفية: لا تزال تشكل العمود الفقري لسكان بنجلاديش، وتتميز بمعدلات خصوبة أعلى وأعداد أكبر للأسرة.

5. العوامل المؤثرة في النمو السكاني

5.1. معدلات الخصوبة

شهدت بنجلاديش انخفاضًا ملحوظًا في معدلات الخصوبة خلال العقود الماضية، حيث انخفضت من حوالي 6 أطفال لكل امرأة في سبعينيات القرن الماضي إلى أقل من 2.1 طفل لكل امرأة في الوقت الحالي، وهو معدل الاستبدال الذي يضمن ثبات عدد السكان على المدى الطويل.

5.2. متوسط العمر المتوقع

تحسن متوسط العمر المتوقع بشكل ملحوظ، حيث وصل حاليًا إلى حوالي 73 عامًا للرجال و75 عامًا للنساء، بفضل تحسن الخدمات الصحية، وتوافر اللقاحات، وانخفاض معدلات الأمراض المعدية.

5.3. الهجرة الداخلية والخارجية

تعاني بنجلاديش من هجرة كثيفة من الريف إلى المدينة، ما يزيد من الضغط على البنية التحتية الحضرية. أما على مستوى الهجرة الخارجية، فيقوم العديد من العمال بالخروج للعمل في دول الخليج والشرق الأوسط، وهو ما يؤثر على التوزيع السكاني المحلي.

6. التحديات التي تواجهها بنجلاديش بسبب الزيادة السكانية

6.1. ضغط على الموارد الطبيعية والبنية التحتية

تتسبب الكثافة السكانية العالية في استنزاف الموارد الطبيعية مثل المياه الصالحة للشرب، والتربة الزراعية، والغابات. كما يضغط النمو السكاني المتزايد على البنية التحتية مثل الطرق، والمساكن، والمرافق الصحية والتعليمية.

6.2. تحديات التعليم والصحة

يُعَدّ توفير التعليم الجيد والرعاية الصحية الملائمة أحد أكبر التحديات، خصوصًا في المناطق الريفية التي تعاني من نقص الخدمات، ما قد يؤدي إلى تفاقم الفقر وعدم المساواة.

6.3. الأمن الغذائي والبطالة

ينعكس النمو السكاني السريع على الحاجة المتزايدة للغذاء، مما يتطلب تحسين الإنتاج الزراعي، وتقنيات الزراعة المستدامة. كما يؤدي زيادة أعداد الشباب إلى تحدي كبير في توفير فرص العمل المناسبة، حيث تتزايد معدلات البطالة بين الشباب، مما قد يؤدي إلى آثار اجتماعية سلبية.

7. السياسات الحكومية والاستراتيجيات المستقبلية

اتخذت الحكومة البنجلاديشية خطوات حاسمة للسيطرة على النمو السكاني وتحسين جودة الحياة، من بينها:

• برامج تنظيم الأسرة التي تشمل التوعية وتوفير وسائل منع الحمل.

• تحسين التعليم، خصوصًا تعليم الفتيات، مما يقلل من معدلات الإنجاب.

• تطوير البنية التحتية الحضرية وتحسين سكن الفقراء في المدن.

• دعم مشاريع التنمية الريفية للحد من الهجرة إلى المدن.

• الاستثمار في القطاع الصحي لرفع كفاءة الخدمات الطبية.

8. دور التكنولوجيا والابتكار في مواجهة تحديات السكان

تلعب التكنولوجيا دورًا متزايد الأهمية في إدارة عدد السكان والموارد، من خلال تحسين نظم الرصد السكاني، وتوفير البيانات الدقيقة لصناع القرار، بالإضافة إلى تطبيق تقنيات الزراعة الحديثة التي ترفع من الإنتاجية الزراعية مع الحفاظ على البيئة.

كما ساهمت وسائل التواصل الحديثة في نشر الوعي حول قضايا تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية بشكل أكثر فعالية وانتشارًا.

9. مقارنة بنجلاديش بدول مجاورة

تتمتع بنجلاديش بمعدل كثافة سكانية أعلى بكثير من الهند وميانمار المجاورتين، وهو ما يضع عليها ضغوطًا خاصة من حيث إدارة الخدمات والموارد. إلا أن النمو السكاني في بنجلاديش بدأ يتراجع بشكل أسرع مقارنة بالهند، بفضل سياسات تنظيم الأسرة والتوعية الصحية الفعالة.

10. الخلاصة

يمثل عدد سكان بنجلاديش أحد أكبر التحديات التي تواجهها هذه الدولة في مجال التنمية المستدامة، حيث تتطلب الإدارة السليمة للنمو السكاني تخطيطًا دقيقًا وسياسات شاملة تتناول الصحة، التعليم، والاقتصاد، مع الأخذ في الاعتبار الضغوط البيئية والاجتماعية. بالرغم من التحديات الكبيرة، تُظهر بنجلاديش تقدمًا ملموسًا في خفض معدلات النمو وتحسين حياة مواطنيها، مما يشير إلى إمكانات إيجابية لتحقيق استقرار سكاني وتنمية متوازنة في المستقبل.

المصادر:

1. البنك الدولي (World Bank) – إحصائيات السكان لبنجلاديش، 2024

2. تقرير الأمم المتحدة للسكان (UN Population Division) – التوقعات السكانية، 2023